بقلم: د. عادل العوفي.
في بداية القرن الماضي كان المرضى النفسيين في البحرين يعالجون بالقران الكريم ، واستعمال (المحو) وهو عبارة عن كتابة سور من القرآن الكريم في صحن ومحو الكتابة بماء الورد والزعفران وسقيها للمريض، واستخدم الكي في رأس المريض ويكون في مؤخرة الرأس أو جانبي الصدغ. وكان الأهالي يلجأون الى المشعوذين لإخراج الأرواح الشريرة والجن من المرضى. وكان المرضى يسجنون ويقيدون في المنازل ، واستعمل أيضا تعليق الحديد على صدور المرضى نتيجة الاعتقاد بأن الجن يهاب الحديد. وسمي الاطفال المشوهين أثناء الولادة " بالمبدلين" أي تم تبديل الطفل السليم بالمشوه من قبل الجن.
وكانت بداية التغيير على يد المجلس البلدي الذي أقر في اجتماعه في 31 ديسمبر 1930م بانشاء دار لايواء المرضى التفسيين. وأستأجرت البلدية في عام 1932م دارا صغيرة مقابل مدرسة المرحوم عبدالرسول التاجر. وسميت هذه الدار " بدار المجانين" وكانت تتسع الى 12 مريضا من الذكور واثنتين من الإناث، "والدار تحتوي على ثلاث غرف وبئر للماء- حسب ما ذكره لنا الحاج علي أحمد ضيف في عام 1994م . وقد خصص المجلس البلدي ميزانية قدرها 400 روبية لهذا المشروع.
وفي عام 1937م انتقل المرضى الى الموقع الحالي قرب دوار السلمانية. وتحسن الحال في الستينات عندما أشرف الدكتور "بتلر" على علاج المرضى النفسيين بالاضافة الى اختصاصه الآساسي في الأمراض الباطنية. ويعود له الفضل في إدخال دواء "الكلوربرومازين" لعلاج حالات الفصام في البحرين ، وهذا الدواء قد تم اكتشافه في بداية الخمسينات. وقد خصص الدكتور "بتلر" أسرة للمرضى ودورات مياه.
وقد وصف الدكتور "سنو" في تقريره السنوي ي عام 1959م تلك التغيرات كما يلي" كان يقوم في حديقة في طرف هذه المنطقة الطبية مصح للمجاذيب تابع للبلدية، بدائي في وسائله وذو طراز قديم في بنائه، واستلمت الدائرة هذا المصح بعد الحرب وأعيد بناؤه وأضيفت إليه أقسام على ثلاثة مراحل ، ليصبح مستشفى للأمراض العلية. وفي الوقت الحاضر يعطيه الضياء والألوان عبيرا من الحرية، ولقد غيرت العناية الخاصة مع وسائل الترفيه والأشغال المظهر البائس الذي كان عليه المستشفى من قبل".
بعد هذه السنوات الطويلة والتي تعتبر البحرين الأولى في انشاء خدمات للطب النفسي في المنطقة، بلغت مصروفات مستشفى الطب النفسي أكثر من 3 ملايين دينار سنويا، وهذا يشكل حوالي 4% من مصروفات وزارة الصحة، ويعمل حاليا 40 طبيب وطبيبة في المستشفى بلغت نسبة البحرنة 100%، ويبلغ عدد الطاقم التمريضي حوالي 203 ممرض وممرضة، بلغت نسبة البحرنة حوالي 62%. وفي عام 2004م بلغ عدد الزيارات للعيادة الخارجية حوالي 31,861 زيارة، والمرضى الذين أدخلوا للمستشفى بلغوا 1,198 حالة. وتعمل وزارة الصحة مع ادارة المستشفى على متابعة مبنى التوسعة المكون من 4 طوابق والذي سيشمل غرف خاصة وأجنحة للمراهقين وكبار السن والطب النفسي العام والعدلي ، واقسام أخرى.
الدكتور عادل العوفي أستشاري ورئيس وحدة الطب النفسي لكبار السن وزارة الصحة
تم نشر المقال سابقا في جريدة الأيام البحرينية