Total Pageviews

Jan 10, 2013

الهيستيريا الجماعية الوبائية( في قرية يمنية)





 

د. حسن قاسم خان ومشاركوه
جامعة عدن - كلية الطب

 
هل يمكن للهيستيريا أن تنتقل بالعدوى على غرار الأمراض المعدية؟
 
تقليدياً يجيب الباحثون النفسيون بالإيجاب. ولكن هذا الورقة تقدم لنا مثالاً حاسماً عن إمكانية الانتشار الوبائي للحالات الهيستيرية في قرية العشيشية في اليمن بدأ الوباء الهيستيري بإصابة فتاة في السادسة عشرة لينتقل بعدها إلى العديدات من نساء تلك القرية، مما استدعى تدخل فريق من المختصين الذين نجحوا في تشخيص هذه الحالات بالهيستيريا الجماعية بعد استبعادهم لوجود خلفية عضوية أو حتى مرضية لهذه الحالات.
 
إن خاصية الظروف والعوامل الاجتماعية والأثنية والثقافية، للمصابات، سمحت للمؤلفين بتحديد وجود الفوارق الأساسية بين الهيستيريا الجماعية الملاحظة في اليمن وبين شبيهاتها في البلدان الأخرى. لاحظ سكان قرية العشيشية. مديرية طور الباحة في الشطر الجنوبي من الوطن اليمني انتشار سلوك غريب بين نساء تلك القرية. بدأ ذلك السلوك الغريب بفتاة لا يتجاوز عمرها السادسة عشر وانتشر إلى نساء أخريات مجاورات لها ونساء بعض القرى المجاورة.
 
ويظهر ذلك السلوك الغريب بشكل نوبات تبدأ بحالة خوف وقلق، وتهيج في سرعة عملية التنفس ترافقها تنهدات وصراخ بأصوات عالية تشبه أصوات
الحيوانات مثل نباح الكلاب وعواء الذئاب ونهيق الحمير ومواء القطط... الخ يعقب ذلك حالة ش [1][1] به غيبوبة وفقدان للوعي وهدوء تستيقظ الحالة بعدها بشكل طبيعي. وعزا سكان القرية وأهل المرضى ذلك السلوك الغريب إلى سيطرة الأرواح الشريرة على النساء المصابات وأن سحراً أو عملاً ما قد عمل لهن مما دفعهم للجوء إلى بعض المشتغلين بالشعوذة والسحر لإنقاذهن من هذه الأرواح الخبيثة.
 
وبعد فشل كافة المحاولات التقليدية لعلاج النساء المصابات تم الاتصال بالسلطات المحلية في المديرية والمحافظة التي قامت بإبلاغ الجهات المركزية في
وزارة الصحة، الدائرة المركزية للرعاية الصحية الأولية، التي أحالت القضية إلى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية التعليمي المركزي في العاصمة عدن، وقد قام المستشفى بتشكيل فريق متعدد التخصصات والمهام والنزول إلى موقع الوباء.
 
الهيستيريا الجماعية )الوبائية( في الأدب العلمي
 
عند مراجعة ما تحويه أدبيات علم النفس والطب النفسي، التي توفرت لدينا، نجد أن ظاهرة الهيستيريا الجماعية ليست نتاج إطار ثقافي، حضاري معين
وإنما ظاهرة تبرز بين حين وآخر في مجتمعات مختلفة نامية ومتقدمة وذات أنماط ثقافية مختلفة شرقية كانت أم غربية. فقد أشارت دراسات وأبحاث جرت في بعض الدول النامية إلى الإصابة المتكررة بالوباء الهيستيري.
 
ففي ماليزيا مثلاً وبين عام 1963 وعام 1971 ظهر الوباء تسعة وعشرون مرة، حسب تقرير تيدر سيووندو، وسيدهاتا في 1975 . ويؤكد ثان  1963  ارتفاع نسبة الإصابة بهذا السلوك الغريب في تلك المنطقة. وفي بعض الدول الغربية تش _ري عدد من الدراسات والتقارير العلمية إلى الإصابة بالهيستيريا الجماعية في انجلترا أشار إليها موس وماك افدى  1966  وفي الولايات المتحدة يارنتون  1943  ونيتزكن 1976  وكذا سمول ونيكولي  1983 وفي اليابان اكليد ا 1966وآخرون ...
ويعرف مرض الهيستيريا الجماعية في أدبيات العلوم الغربية بالظاهرة النفسية الاجتماعية الثقافية بين جماعة من البشر، تنتشر فيما بينهم ومن خلال
العدوى الجماعية جملة من الاضطرابات السيكولوجية ولفترة زمنية محددة تسنج وسو 1980.

كما أن تعريف الجمعية الأمريكية للطب النفسي 1983  للهيستيريا والوارد في دليل التشخيص الإحصائي الثالث يكتسب أهمية خاصة لشموليته وتفاصيله:
الهيستيريا الجماعيةأو الوبائية هي بروز جملة من الأعراض الجسمانية المتآلفة توحي بالمرض العضوي بالرغم من مسبباتها السيكولوجية، بين جماعة من الأفراد يعاني كل فرد منهم عرض أو عدة أعراض للمرض.
ومصطلح الهيستيريا هنا لا يقصد به المعنى المتداول فقط كاضطراب تحويلي )فقدان أو تغير وظيفي يوحي بالاضطراب العضوي، تعبير فعلي غير مباشر لرصاع نفسي أو حاجة، ولكن مجموعة أعراض عضوية تبرز في حالة الإثارة وتلازمها وبشكل ثابت عند تفشي المرض. )الجمعية الأمريكية للطب النفسي .1980
 
وتبرز الهيستيريا الجماعية بأشكال وصور مختلفة مثل الذعر الجماعي أو بشكل ضلال )هذيان( جماعي وفي الغالب تظهر بأعراض هيستيرية. وتكاد تتفق معظم الدراسات على بعض الخصائص العامة للهيستيريا الجماعية وفي بلدان ذات أنماط ثقافية مختلفة. فبالإضافة إلى غياب المسببات العضوية فإنها تشيرإلى أن:
 
 1.أغلب ما ينتشر المرض بين النساء الشابات.
2. ينتقل المرض من خلال السمع أو البصر.
3. التنفس السريع هو عرض شائع ومتكرر.
4. غالباً ما ينتشر بين أوساط المراهقات أو من هم في مرحلة ما قبل المراهقة.
5. حميد الانتشار )سرعان ما تظهر الأعراض وتختفي(.
6. عامل ضغط غير مألوف بدني أو نفسي.
7. استعداد وقابلية للإصابة نتيجة اضطرابات نفسية. اجتماعية مسبقة مثل فراق الوالدين أو التفكك الأسري... الخ.
8. ينتشر المرض وحسب التسلسل الهرمي في المجتمع من الكبير إلى الصغير، يقلد الصغار من هم أكبر منهم سناً.
أما علاج هذا المرض فتشري معظم الدراسات إلى ضرورة التوقف السريع عن إجراء الفحوصات المكثفة البيئية والمختبرية. فإذا ما ثبت تشخيص وباء
الهيستيريا تم عزل الحالات المصابة مع تقديم العون والدعم النفسي لمن تستدعي حالته.
 
لقراءة الدراسة كاملة: http://www.arabpsynet.com/Books/WB.MaanB1.pdf
المصدر: علم النفس في اليمن. د معن عبدالباري قاسم صالح