Mar 16, 2012

إصابات الدماغ وتغير الشخصية


 منقول: سيكولوجيا كلينيك نفسية سلوكيه




إصابات الدماغ بجميع اشكالها، والتي يكثر احالتها ال...ى حوادث السير او الجلطات والنزيف الدماغي، تؤثر بشكل قياسي على تغير الشخصية. من خلال خبرتي الاكلينيكية هنا في مجتمعنا العربي فقد وجدت ان اكثر واشهر المشكلات التي تشتكي منها أسرة المريض هو تغير المزاج الحاد وتموج الشخصية المتقلب. انها شخصية بين مد وجزر مثل البحر في غموضها. يمد احيانا بالهدوء والسلام والضحك ثم تأتي موجات من الغضب والاكتئاب والهلاوس.


اصعب ما تعاني منه شخصية المريض هنا هو ان ذلك الجزء المظلم من افكارنا وغرائزنا التي كان العقل يقوم بكبحها في جزء عميق ومظلم ومغمور في قاع البحر اصبحت تطفوا على السطح وتقدم سلوكيات ومزاج متقلب ومحرج احيانا للاسرة وللمريض فيما بعد. لماذ المريض يأتي لاحقا؟ لانه يعاني من بعض المضاعفات الفكرية لمابعد-الاصابات الدماغية.

الفص الجبهي الامامي للدماغ frontal lobes ،صاحب القرارات التنفيذية لجميع سلوكياتنا والذي يقوم بفلترة قراراتنا واعتماد ما يمكن ان يكون مقبول منها ، في مقدمة المتضررين من اصابات الدماغ المختلفة. بالتالي يضعف اداءة وتظهر المشكلات السلوكية وتغير المزاج الشديد واضمحلال هوية الشخصية والتخبط في القرارات.

نقص الخبرة او عدم التخصص لدى البعض تدفعهم الى تسمية هذه الاعراض الناتجة عن اصابات الدماغ بغير مسمياتها. فتقلب المزاج الشديد وتقلب الشخصية تفسر خطاءً:

1. انفصام شخصية. Schizophrenia
2. اضطراب ثنائي القطب . Bipolar Disorder
لكن الامر لا يتصل باي منها رغم تقارب الاعراض وتداخلها. قد يناسبني ان احيل البعض من عشاق افلام هوليود الى مسمى غير علمي ولكنه اعلامي ان صح التعبير ليصف حالة بعض مرضى اصابات الدماغ. فهناك اضطراب Jekyll and Hyde Syndrome لمن احب ان يشاهد شكلا يمثل تقلبات المزاج والشخصية. ولكن جميع اضرابات الشخصية هنا يجب ان تحال وتسمى من البداية بانها مصاحبة لاصابات الدماغ فقط.

الدور القيادي الذي يلعبه الدماغ في تغير المزاج والشخصية وفي تشكيل هوية الذات وقبول ورفض القرارات المنتجة يحدث بشكل رئيسي في منطقة الفص الجبهي الامامي للدماغ frontal lobes. انها المنطقة التي ان فقد الانسان القدرة عليها فإنه سيفقد الاهلية الشرعية على قراراته المنتجه، انه لا يعلم الصواب من الخطأ، انه في لحظة ابعد ما يكون فيها عن استقامة الهوية وتناسق الافعال.

وهنا نذكر قول الله سبحانه وتعالى ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَ بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ العلق:15-16. وقوله تعالى ﴿ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ هود:56.

اشارة قرآنية كاملة الوضوح على ما صارت اليه العلوم الطبية الحديثة لتفسير وظائف الدماغ.