التحويل والتحويل المضاد في العلاج النفسي
بقلم: وفاء بدير
إن مفهوم و أثر التحويل أو النقلة يظهر بشكل واضح في مجمل العلاقات الوجدانية و لذا علينا أن نفهم خاصيته جيدا للوصول لتوظيف حسن له في المسيرة العلاجية ...فالكثير منا في علاقته مع المريض النفسي سمع على الأقل جملة : (عندما أتي إليك حضرة الدكتور أحس أنني أمام صورة أبي... أو عندما تتكلمين دكتورة أحس كأنك أمي... أو أنا أرى فيك صورة زوجي أو فيك صورة زوجتي ...الخ)
فعندما نسمع هذه الجملة أو ما شابه لها يجب علينا أن ندرك أننا وصلنا إلى أهم خطوة في المسيرة العلاجية ألا و هي النقلة أو التحويل.
و يلعب التحويل دورا بالغ الأهمية في العلاج النفسي فهو دليل على قدرة المعالج على الولوج إلى أعمق مشاعر العميل . و من هنا يستطيع تحقيق الهدف النهائي للمسيرة العلاجية المتمثل في عقلنة و القضاء على الصراع النفسي الداخلي .
و الغريب في الأمر أن الكثير من معالجينا اليوم الغير مدربين بشكل كافي يشتكون من التحويل ويدّعون أنه يسبّب لهم مشاكل جمّة , فنسمع من أحد قائلا ( تلك المريضة تلاحقني أينما ذهبت ) و آخر يقول ( إنه يحملني ذنب أباه الذي لم أقترفه) ...الخ من الأمثلة.. و هذا كله دون العلم بأن التحويل هو أساس العلاج فبدونه لا يمكن للمعالج أن يوجد صدى للوسائل العلاجية التي يستعمله و خاصة إذا تعلق الأمر باضطرابات عصابية صعبة مثل الوسواس القهري أو الهستيريا هذه الأخيرة التي نجد أن التحويل من أهم الميكانزمات الدفاعية التي تستعملها و سواء كان ايجابيا أو سلبيا فالمهم أنه يساهم بصفة أساسية في علاجها. لذا علينا أن ندرك ما هو التحويل , و كيف يتم , و ما هي أهم أنواعه ؟.
1- التحويل:
هو آلية دفاعية و عمليّة نفسيّة تكون نتيجة لميكانيزم أساسي ألا و هو الإسقاط و تجدر الإشارة إلى أنهما -أ ي الإسقاط و التحويل- لا يعتبران متناقضان بل هما مكملان لبعضهما البعض . هو الرابط و الدلالة الواضحة لوجود لاواعي و مشكل داخلي قد يكون غير ظاهر بصفة كاملة , و الاسقاط هو تظاهر أو خروج لهذا الوجود اللاواعي . فحسب فرويد هو نتاج لرغبة غير مقبولة أثناء مراحل الطفولة الأولى وتكون تجاه أحد الأشخاص المقربين جدا من العميل ثم ينتقل هذا الشعور إلى المعالج و هذا بحسب قدرته و إمكاناته . و حسب يونغ هو آلية تكون في مختلف الوضعيات العلائقية إلا أنها تأخذ معنى عاطفي عندما يتعلق الأمر بالعلاقة معالج / عميل... و حسبه دائما التحويل يكون في كل مراحل المسيرة العلاجية و سواء كان ايجابيا أو سلبيا فهو مهم . و أيضا قد يكون نوع من أنواع المقاومة لدى العميل فبدل أن يحاول مواجهة الذكريات الطفولية المحبطة يقوم بإعادة معايشتها مرة أخرى مع المعالج فتكون بالتالي استجابة عاطفية أكثر منها إعادة تكوين علائقي.
و لذا علينا أن نميز بين أنواع التحويل الأولية فنقسمه إلى نوعين أيجابي و هنا يكون بنقل مشاعر الحب و الاعجاب و حتى الاغراء إلى شخص العميل . و نوع ثاني سلبي و هنا يكون في شكل مشاعر الكره و المقت و الاحباط للمعالج دائما . هذا بخوصوص التحويل الأولي الذي هو اول شكل أو نوع من انواع التحويل.
2-التحويل المضاد:
و هو ثاني انواع التحويل من حيث الترتيب فبعد أن عاش العميل التحويل الأول سواء كان ايجابي أو سلبي . يمر إلى التحويل المضاد و هو التحويل الذي يقوم به المعالج , و يكون في شكل استجابة لاواعية من المعالج أو المحلل تجاه العميل . و هنا يؤكد فرويد على تأثير الذاتية الخالصة للمعالج تجاه عميله . و حسب يونغ هي عملية تمكن المعالج من وضع إطار علائقي يلعب دور هام في باقي المسيرة العلاجية .
التحويل العلاجي:
هذا آخر أنواع التحويلات و هو دليل على فعالية المعالج و قدرته على التحكم في العلاقة القائمة بينه و بين العميل . فيضعه في الإطار المنوط به و يقوم بعقلنة كل انفعالاته و يستطيع معه الوصول إلى توظيف سويّ لكل الرغبات المكبوتة الطفولية التي كانت سبب في المشكل النفسي . و بالرغم من صعوبة تحقيق التحويل العلاجي إلا أنه ممكن جدا في ظل تكوين جيد للمعالج , و فهم واضح للخصائص النفسية الشعورية و اللاشعورية للعميل . و إذا كان التحويل السلبي صعب العلاج ينصح بتحويل العميل إلى معالج آخر أو معالجة حسب اختلاف الوضع , التحويل الايجابي على العكس منه يكون ذو نتيجة باهرة في العلاج النفسي.
منقول
بقلم: وفاء بدير
إن مفهوم و أثر التحويل أو النقلة يظهر بشكل واضح في مجمل العلاقات الوجدانية و لذا علينا أن نفهم خاصيته جيدا للوصول لتوظيف حسن له في المسيرة العلاجية ...فالكثير منا في علاقته مع المريض النفسي سمع على الأقل جملة : (عندما أتي إليك حضرة الدكتور أحس أنني أمام صورة أبي... أو عندما تتكلمين دكتورة أحس كأنك أمي... أو أنا أرى فيك صورة زوجي أو فيك صورة زوجتي ...الخ)
فعندما نسمع هذه الجملة أو ما شابه لها يجب علينا أن ندرك أننا وصلنا إلى أهم خطوة في المسيرة العلاجية ألا و هي النقلة أو التحويل.
و يلعب التحويل دورا بالغ الأهمية في العلاج النفسي فهو دليل على قدرة المعالج على الولوج إلى أعمق مشاعر العميل . و من هنا يستطيع تحقيق الهدف النهائي للمسيرة العلاجية المتمثل في عقلنة و القضاء على الصراع النفسي الداخلي .
و الغريب في الأمر أن الكثير من معالجينا اليوم الغير مدربين بشكل كافي يشتكون من التحويل ويدّعون أنه يسبّب لهم مشاكل جمّة , فنسمع من أحد قائلا ( تلك المريضة تلاحقني أينما ذهبت ) و آخر يقول ( إنه يحملني ذنب أباه الذي لم أقترفه) ...الخ من الأمثلة.. و هذا كله دون العلم بأن التحويل هو أساس العلاج فبدونه لا يمكن للمعالج أن يوجد صدى للوسائل العلاجية التي يستعمله و خاصة إذا تعلق الأمر باضطرابات عصابية صعبة مثل الوسواس القهري أو الهستيريا هذه الأخيرة التي نجد أن التحويل من أهم الميكانزمات الدفاعية التي تستعملها و سواء كان ايجابيا أو سلبيا فالمهم أنه يساهم بصفة أساسية في علاجها. لذا علينا أن ندرك ما هو التحويل , و كيف يتم , و ما هي أهم أنواعه ؟.
1- التحويل:
هو آلية دفاعية و عمليّة نفسيّة تكون نتيجة لميكانيزم أساسي ألا و هو الإسقاط و تجدر الإشارة إلى أنهما -أ ي الإسقاط و التحويل- لا يعتبران متناقضان بل هما مكملان لبعضهما البعض . هو الرابط و الدلالة الواضحة لوجود لاواعي و مشكل داخلي قد يكون غير ظاهر بصفة كاملة , و الاسقاط هو تظاهر أو خروج لهذا الوجود اللاواعي . فحسب فرويد هو نتاج لرغبة غير مقبولة أثناء مراحل الطفولة الأولى وتكون تجاه أحد الأشخاص المقربين جدا من العميل ثم ينتقل هذا الشعور إلى المعالج و هذا بحسب قدرته و إمكاناته . و حسب يونغ هو آلية تكون في مختلف الوضعيات العلائقية إلا أنها تأخذ معنى عاطفي عندما يتعلق الأمر بالعلاقة معالج / عميل... و حسبه دائما التحويل يكون في كل مراحل المسيرة العلاجية و سواء كان ايجابيا أو سلبيا فهو مهم . و أيضا قد يكون نوع من أنواع المقاومة لدى العميل فبدل أن يحاول مواجهة الذكريات الطفولية المحبطة يقوم بإعادة معايشتها مرة أخرى مع المعالج فتكون بالتالي استجابة عاطفية أكثر منها إعادة تكوين علائقي.
و لذا علينا أن نميز بين أنواع التحويل الأولية فنقسمه إلى نوعين أيجابي و هنا يكون بنقل مشاعر الحب و الاعجاب و حتى الاغراء إلى شخص العميل . و نوع ثاني سلبي و هنا يكون في شكل مشاعر الكره و المقت و الاحباط للمعالج دائما . هذا بخوصوص التحويل الأولي الذي هو اول شكل أو نوع من انواع التحويل.
2-التحويل المضاد:
و هو ثاني انواع التحويل من حيث الترتيب فبعد أن عاش العميل التحويل الأول سواء كان ايجابي أو سلبي . يمر إلى التحويل المضاد و هو التحويل الذي يقوم به المعالج , و يكون في شكل استجابة لاواعية من المعالج أو المحلل تجاه العميل . و هنا يؤكد فرويد على تأثير الذاتية الخالصة للمعالج تجاه عميله . و حسب يونغ هي عملية تمكن المعالج من وضع إطار علائقي يلعب دور هام في باقي المسيرة العلاجية .
التحويل العلاجي:
هذا آخر أنواع التحويلات و هو دليل على فعالية المعالج و قدرته على التحكم في العلاقة القائمة بينه و بين العميل . فيضعه في الإطار المنوط به و يقوم بعقلنة كل انفعالاته و يستطيع معه الوصول إلى توظيف سويّ لكل الرغبات المكبوتة الطفولية التي كانت سبب في المشكل النفسي . و بالرغم من صعوبة تحقيق التحويل العلاجي إلا أنه ممكن جدا في ظل تكوين جيد للمعالج , و فهم واضح للخصائص النفسية الشعورية و اللاشعورية للعميل . و إذا كان التحويل السلبي صعب العلاج ينصح بتحويل العميل إلى معالج آخر أو معالجة حسب اختلاف الوضع , التحويل الايجابي على العكس منه يكون ذو نتيجة باهرة في العلاج النفسي.
منقول