Total Pageviews

Jun 27, 2013

الانتقادات الموجهة لتعديل السلوك والرد عليها

 


كتبها: د./ شريف عادل جابر

       رغم النجاحات التي حققها تعديل السلوك بإجراءاته؛ لمساعدة الفرد على إحداث تعديل أو تغيير ملحوظ في السلوك، سيان بإطفاء أو الحد من السلوكيات غير المقبولة اجتماعيًا التي يمارسها الفرد، من خلال إكسابه المهارات الحياتية التي تساعده على توافق أو تكيف أفضل داخل المجتمع. إلا أنه وجه إلى تعديل السلوك بعض الانتقادات، ويعزى ذلك إلى أمرين، أولهما: هناك من يعتقد أن هناك أساليب تدخل أخرى أفضل من تعديل السلوك، أما الأمر الثاني فيرجع إلى عدم الفهم الدقيق -من قبل المنتقدين- لهذا النوع الفعال من التدخل. ونسوق في هذه المقالة بعض هذه الانتقادات والرد عليها، ومن أهمها: من أعطى الأحقية للمعلم في تعديل السلوك؟ وللرد على هذا الانتقاد: أن المعلم وظيفته الأولى التربية قبل التعليم، ولخلق فرد صالح يجب أن يتربى في بيئة ذات مُناخ صحي، ولذلك يتوجب على المعلم استخدام كافة الطرق والأساليب التي تضمن له خلق هذا المُناخ الصحي للفرد، وأن خلاف ذلك سوف يخلق - بطبيعة الحال- بيئة مليئة بالسلوكيات السيئة التي تؤدى بالفرد في نهاية المطاف إلى تقييد حريته. أما الانتقاد الثاني، هو: أن فنية التعزيز رشوة، وللرد عليه: فإن الرشوة في غالب الأمر تقدم قبل السلوك بعكس التعزيز الذي يقدم بعد السلوك، كذلك فأن التعزيز عمل أخلاقي وعلمي وقانوني، بينما الرشوة فهي عكس ذلك تمامًا. كما أن الرشوة غالبًا تكون عبارة عن "نقود"، بينما الأمر يختلف بالنسبة للتعزيز فهناك –على سبيل المثال- ما يسمى بـ"المعززات الاجتماعية". كما أن التعزيز يساعد الفرد على ممارسة السلوكيات المقبولة اجتماعيًا، وهو معزز خارجي يساعد على الشعور بالكفاءة ذات الأثر الإيجابي على الدافعية الداخلية للفرد، بينما الرشوة تقدم للفرد العكس تمامًا. أما إنكار حرية الاختيار للفرد، فتمثل الانتقاد الثالث الذي وجه إلى تعديل السلوك، وللرد عليه: نطرح بعض التساؤلات التالية، وهي: هل العدوان على الآخرين، أو شتمهم بالألفاظ السوقية، أو سرقتهم وغيرها من السلوكيات غير المقبولة اجتماعيًا، تعتبر معالجتها إنكار حرية الاختيار؟. كما أن حالة الفرد المتمركز حول ذاته، هل تعتبر حالة صحية؟!، فمن المؤكد أن الإجابة على هذه التساؤلات ستكون بـ"لا"، بل ويجب التدخل السلوكي على الفور. أما الانتقاد الرابع، هو: أن التعامل مع الفرد-أثناء تعديل سلوكه-مجرد من المشاعر والعواطف ويتصف بالآلية، وللرد عليه: كيف أن التعامل مع الفرد مجرد من المشاعر والعواطف وتعديل السلوك يعتمد على استخدام تعزيز السلوك؟، مثل: الابتسام، والثناء، وغيرها من المعززات الإيجابية التي تكوّن علاقة حب ومودة وتآلف بين الأخصائي والفرد. وكيف يتصف التعامل بالآلية، وهناك ما يسمى بـ"الضبط المضاد" وهو أنه لا يستجيب الإنسان بسلبية لمحاولات الآخرين لضبط سلوكه، وفي نفس الوقت يحاول التأثير في سلوكياتهم بشتى الطرق.  كما وُجه انتقاد خامس، وهو: أن البرامج السلوكية لا يمكنها معالجة كافة السلوكيات المعقدة، وللرد عليه: من زعم هذا القول؟ فلا أحد يستطيع أن يدعي ذلك: بأن أساليب تعديل السلوك قادرة على معالجة جميع المشكلات على وجه الإطلاق، فهي كغيرها من أساليب التدخل الآخرى التي تقف عاجزة في معالجة بعض السلوكيات المعقدة. أما عودة السلوك المشكل بعد انتهاء الفترة المحددة للبرنامج السلوكي، فيمثل الانتقاد الآخير، وللرد عليه بالفعل ليس كل السلوكيات غيرت وعدلت وعممت من خلال البرامج السلوكية، رغم أن هذا هو الهدف الأساسي من هذه البرامج، ولكن أوصت بعض البحوث والدراسات استخدام "التعزيز المتقطع" بعد فترة معينة من استخدام "التعزيز المستمر"، كذلك أوصت بتغيير المعززات إلى معززات طبيعية بعد اكتساب السلوك، كذلك تقليل كميات التعزيز سواء كانت طبيعية أم اصطناعية، مشيرة إلى أن المعززات الطبيعية ذات أثر فعال في استمرار السلوك وتعميمه.