هذه المدونة تهدف الى تبادل الآراء والأفكار و التحديات والتطلعات ذات الإرتباط بعلم النفس وممارسته
Total Pageviews
Jan 3, 2013
مليون ونصف المليون معتف سنويا
عالمنا المتحضر.. مليون ونصف المليون معنَّف سنوياً!
٢٠١٣/١/٣
أحمد الرزيق -طالب مبتعث إلى الولايات المتحدة الأمريكية
لقد تم تصنيف العنف على أنه أحد الأوبئة المنتشرة في دول العالم الثالث ولا يعد العنف نوعاً من الأمراض النفسية التي تُؤثر على الفاعل والمفعول به وطبعاً تكون أكثر ضرراً على المفعول به، ينتشر في المملكة العربية السعودية أنواع عديدة من العنف مع الأسف، من ضمنها عنف جسدي، جنسي، ونفسي. لقد استحوذ العنف على كثير من النواحي الحياتية، وأصبح جزءاً من سمعتنا التي يتداولها الناس، ولطخت سمعة البلاد العربية والإسلام.
العنف يتسبب في مقتل أكثر من مليون ونصف المليون إنسان سنوياً حسب تقرير منظمة الصحة العالمية، وهذا يعني مقتل أكثر من أربعة آلاف طفل أو امرأة كل يوم، كم منهم يا تُرى في السعودية؟ فبعد الطفلة «لمى» لن نستطيع التحمل أكثر من ذلك، كل ذاك العذاب الذي تلقته لم يحرك شعرة في مجلس الشورى كي يرفع توصية لمجلس الوزراء بسن قانون للعنف حتى يكون من يعنف مجرماً باسم الشرع والقانون.
توفر حكومة المملكة العربية السعودية الاحتياجات التكميلية والأجهزة الحكومية التي تختص في تناول قضايا العنف مثل وزارة الشؤون الاجتماعية، التي تمثل دور الحاضن والمرشد النفسي لمَنْ يتلقى العنف وبرنامج الأمان الأسري الوطني ويتمثل في الدور التوعوي والتكميلي لنشر الإحصائيات والتعامل والتوجيه لمَنْ يتلقى العنف، وأيضاً التواصل الإعلامي والحملات الإعلامية والإعلانية لمحاولة تغيير فكر وأيدلوجية مجتمع يكاد لا تخلو فيه عائلة من آثار العنف!
والجدير بالذكر أن هذا البرنامج يحظى برعاية وفيرة وكريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وأيضاً لا ننسى مجلس الشورى الذي يتمثل في الموصي لسن القوانين أو لتعديل القوانين التي تحتاج إلى تعديل، وأيضاً وزارة الصحة التي تقوم بدور الراصد والطارح للحلول في مسألة العنف وآثاره. على ما يبدو أن وزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الصحة ومجلس الشورى لم يكلفوا أنفسهم إجراء دراسة جدية لمسألة سن قانون ضد العنف أو يحد من أشكاله التي تتكاثر في بلادنا، ولم يقرؤوا إحصائيات العنف في الولايات المتحدة الأمريكية بعد وقبل سن قانون تجريم العنف بواسطة الكونجرس الأمريكي.
تتحمل وزارة الشؤون الاجتماعية على وجه الخصوص عملية تصحيح هذه المفاهيم التي تقود في النهاية إلى إزالة ما لصق بسمعة الإسلام بأنه دين عنف، فكلنا نعلم أن الإعلام الغربي لا يلبث أن يجد أي مشكلة ويعمل على تصعيدها وتصديرها للشعب بعد المحورة والتفنن في التغير. وإيذاء سمعة المملكة المرتبطة بالإسلام، ومن أساليب ذلك العمل عن طريق حبل العنف القصير، فلو أن الوزارة شمرت عن ساعديها وأتمت القليل من الأبحاث والإرصادات عن انتشار العنف في المملكة لشابت رؤوس مسؤوليها من كثرة الأعداد، ولو أنها قدمت توصيات إلى مجلس الوزراء بسن قوانين للعنف لدينا لأطاحت حِملاً يكسر ظهرها من كثرة الانتقاد بهذا الشأن يومياً. تطالب الدكتورة مها المنيف مديرة برنامج الأمان الأسري الوطني بإنشاء مرصد لإحصاءات العنف الأسري وكرسي بحث في إحدى الجامعات السعودية حول العنف لتبيين مسبباته وتصحيح المفاهيم الخاطئة حوله، فما بال وزارة الشؤون الاجتماعية والجامعات لا تتبنى مطالباتها؟ أم أن البيروقراطية التقليدية قد تفشت وصار الإنجار الوحيد في استخدام الإعلام فقط؟
إن سن قوانين ضد العنف قد تغير مستويات العنف الأسري في المملكة العربية السعودية بشكل راديكالي، فالقانون هو الحزام الضيق الذي يخنق المذنب! ولا أنكر أن التشاور في سن قوانين العنف مهم، ولكن ليس لألف سنة وسنة، فالأرواح التي تهدر من العنف ليس لها أي يد تدافع عنها حالياً سوى برنامج الأمان الأسري الوطني وبعض الجمعيات الأهلية وتصاريح إعلامية!