Total Pageviews

Aug 16, 2011

الظروف الاسرية وتكوين شخصية الفرد

بقلم د سليمان قديح

الظروف الأسرية التي يعيش فيها الفرد، تعتبر الشريان الرئيسي للظروف الاجتماعية، وتلعب دوراً حاسماً في تكوين شخصية الفرد، ومن خلالها يتم تحديد معالم شخصية الفرد مستقبلا، وهي كل ما يمر بالفرد من أحداث تتعلق بالأسرة منذ لحظة الميلاد مروراً بمراحل الحياة، سواء اجتماعياً، أو اقتصادياً، أو نفسياً، وأدت التغيرات الحالية التي تمر بها الأسرة الفلسطينية ،وخاصة في استغراق الأب العاطل عن العمل (نتيجة الظروف السياسية)، و البحث عن عمل بصورة مستمرة من أجل الحفاظ على سيرورة الحياة، ولكن استمرار التدهور يخلق نوع من المشاحنات وتوتر العلاقة بين الأزواج، وكذلك بين الآباء والأبناء، مما يهيئ جو من الانحراف، و كذلك سفر الآباء للبحث عن عمل بالخارج وترك الأبناء في الظروف القاسية، له دور كبير فيما سبق ذكره، كما أن الأوضاع السياسية الساخنة التي تمر بها الأسرة الفلسطينية بشكل خاص،  تشكل بيئة نفسية سيئة للنمو النفسي وبذلك تكون بيئة ذات مرتع خصب للانحراف وهذا ما يهدف له العدو الصهيوني، ولتحديد الظروف الأسرية وتوضيح علاقتها بارتكاب الجريمة، فقد اعتمد الباحث الإشارة إلى عدة متغيرات وعوامل ومعايير، والتي يعتقد أنها توضح إلى درجة ما حجم الدور الذي مارسته الظروف الأسرية على أعضاء الأسرة في هذا الشأن سواء أكان ذلك بوعي أم بغير وعي، وتتمثل في عدة متغيرات نذكر منها:

1- العلاقات بين أفراد الأسرة: احتلت العلاقات بين أفراد الأسرة على مر العصور حيزاً من المناهج التشريعية السماوية والوضعية، ونجاح العلاقة بين أفراد الأسرة سيؤدي حتما إلى التوافق، وصلاح حالة أفرادها، واضطراب العلاقة سيؤدي حتماً إلى انحراف العلاقات عن نموها الطبيعي، والأسرة هي الأولى التي تقوم بأدوار المؤسسات الاجتماعية الأخرى، كما أنها تمثل المقاومة لما تتعرض له من محاولة شرسة، ونلاحظ أن كثيرا من الأسر أصبحت في صراع مستمر، وذلك لإنشغالها المستمر ببعض المتطلبات، والتي جعلت الأسرة تبحث عن وسائل لمضاعفة دخلها، كما زادت الخلافات الزوجية نتيجة محاولة التدبير الميزانية الكافية للأسرة، ومما ينشأ عن ذلك من اضطراب في العلاقات الأسرية، وتصبح الأسرة تعاني من توتر، وصراع، وشقاق في العلاقات، وضعف في التماسك. فكل ذلك يؤثر على نمو شخصية الأبناء ومدى نحرافهم

- السلوك التربوي للأسرة: إن الإسلام أعطى الوالدين حق التربية لأبنائهم ولكنه لم يترك الحبل على الغارب، بل أكد أن معاملة الولد باللين والرحمة هي الأصل كما ثبت في الحديث الصحيح (علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف) والغرض هو الإرشاد.
إن الحياة في الأسرة تعطي الطفل أول نموذج للسلوك الفردي داخل الجماعة، وهي نقطة البدء في سبيل التثقيف الاجتماعي للفرد، فإذا اضطرب النمو الانفعالي والعاطفي، يبقي الطفل لا إجتماعياً في أعماق نفسه، وقد يسلك في الظاهر سلوكا اجتماعياً دون أن يكون في الحقيقة قد انسجم وتكيف مع المجتمع، بل منطويا على جناح كامن، والذي يؤدى بدوره عندما تسمح الفرصة إلى السلوك الإجرامي، كما أن أسلوب التربية القائم على الضغط المطلق، إنما يؤدي إلى كبت الانفعالات، ومن ثم عملية إيقاف النضج النفسي تماماً، مما يؤدي إلى مظاهر السلوك الانحرافي

- المستوى القيمي والأخلاقي السائد في الأسرة:
وقبل التطرق للعامل الثالث لا بد للباحث أن يتطرق إلى أن علاقة الوالدين أحدهما بالآخر لها الأهمية الكبرى في  اكتساب نسق القيم Values من خلال التربية، وتوافقهما يحقق للأبناء تربية نفسية سليمة خالية من العقد، والمشكلات التي لا تبدو واضحة للعيان آنياً، وإنما تظهر نتائجها بشكل واضح مستقبلاً، فإشباع حاجات الأبناء من قبل الأبوين يخفف إلى حد ما من درجات التناقض في التربية، فضلاً عن تحقيق التماسك الأسري واستقراره، بالإمكان أن يسود جو العلاقات الخالي من التشاحن والخلافات، خاصة بين الأبوين، فزيادة التناحر والصراع بينهما ينعكس تماماً على الأطفال مباشرةً ويترك آثاراً نفسية مؤلمة، ويصيب الأطفال باختلال في التوازن الانفعالي والنفسي، ويهدد أمن الطفل وسلامة حاجاته للانتماء عندما يشهد هذا الصراع، ويسمع ألفاظاً قاسية لا يستطيع أن يهرب من آثارها النفسية، فقد تؤدي هذه العلاقات بين الوالدين إلى أنماط من السلوك المضطرب لدى الأطفال كالغيرة والأنانية والخوف وعدم الاتزان الانفعالي.
وكثيراً ما طرحت أسئلة حول موروثة الأخلاق واكتسابها، وكثيراً ما أتت الإجابات مؤيدة لهذا الجانب أو ذاك، دون أن تصل إلى حد يفصل في ذلك، إلا أن واقع الحال يبين أن الأخلاق عملية مكتسبة أكثر منها موروثة، فهي لا تنتقل من الآباء إلى الأبناء كما تنتقل الصفات الجسمية، فالطفل يولد في أساسه على الفطرة، وهذه الفطرة فطرة خيرة سليمة تميل نحو الدعة ومكارم الأخلاق، أكثر منها فطرة شريرة، وإن كان يبدو أن الجانبين موجودان معاً، إذ يندر لطفل ينشأ في وسط تربوي سيئ أن يبقى ذا أخلاق حسنة، كذلك يندر أن يغدو ذا أخلاق ذميمة إذا نشأ في جو تربوي طيب يعبق بمكارم الأخلاق(إيمان عز، 2:2002).

ومن القيم التي تعلمها الأسرة لأبنائها فهي: نسق علاقة الوالدين أحدهما بالآخر، فلها الأهمية الكبرى في اكتساب القيم من خلال التربية، وتوافقهما يحقق للأبناء تربية نفسية سليمة خالية من العقد والمشكلات التي لا تبدو واضحة للعيان آنياً، وإنما تظهر نتائجها بشكل واضح مستقبلاً، فإشباع حاجات الأبناء للقيم والأخلاق الحميدة من قبل الأبوين يخفف إلى حد ما من درجات التناقض في التربية، فضلاً عن تحقيق التماسك الأسري واستقراره؛ حيث بالإمكان أن يسود جو العلاقات الخالي من التشاحن والخلافات، خاصة بين الأبوين ، فزيادة التناحر والصراع بينهما ينعكس تماماً على الأطفال مباشرةً ويترك آثاراً نفسية مؤلمة ، ويصيب الأطفال باختلال في التوازن الانفعالي والنفسي، ويهدد أمن الطفل وسلامة حاجاته للانتماء عندما يشهد هذا الصراع ويسمع ألفاظاً قاسية لا يستطيع أن يهرب من آثارها النفسية، فقد تؤدي هذه العلاقات بين الوالدين إلى أنماط من السلوك المضطرب لدى الأطفال كالغيرة والأنانية والخوف وعدم الاتزان الانفعالي